وتتزامن تلك الاضطرابات الاقتصادية الداخلية في تركيا مع سياسة أنقرة الخارجية التوسعية والتي تجعلها في مرمى عقوبات الاتحاد الأوروبي، بسبب أنشطتها في منطقة شرق المتوسط بحثًا عن موارد الطاقة قرب السواحل اليونانية والقبرصية، ما يُعد بمثابة ضغط آخر على اقتصادها، هذا بخلاف أنشطة تركيا في ليبيا الداعمة لحكومة الوفاق الوطني في مقابل الجيش الوطني الليبي وكذلك دورها في سوريا.
ولكن الباحث المتخصص في الشأن التركي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، كرم سعيد، وجد أن فرص تحقيق انتخابات مبكرة في تركيا “مستبعدة”، وذلك لعدة اعتبارات، منها صعوبة سماح النظام الحاكم لإجراء مثل هذه الانتخابات في ظل تراجع وضع حزب العدالة والتنمية الحاكم في الشارع التركي وفقدانه جانبًا واسعًا من رصيد قواعده الانتخابية بفعل الأزمة الاقتصادية وتفاقم الأوضاع وارتفاع أرصدة الديون الخارجية ومعدلات التضخم.
الأمر الآخر الذي يحول دون تحقيق هذه الانتخابات، وفق حديث سعيد إلى “ذات مصر” هو التعقيدات داخل حزب “العدالة والتنمية” بعد استقالة عدد كبير من الرموز التاريخية مثل علي باباجان وأحمد داوود أوغلو وأخيرًا إقالة بيرات البيرق، زعيم جناح الصقور داخل الحزب الحاكم، ما أثار قدرًا من الخلل داخل الحزب نفسه، وهو ما يدفع النظام لتجنب هذه الانتخابات.
بجانب ذلك، يخشى النظام التركي الحضور الواسع للأحزاب المعارضة في هذا التوقيت، خصوصًا الأحزاب التي خرجت من عباءة حزب العدالة والتنمية، سواء أكان حزب الديمقراطية والتقدم أم حزب المستقبل، ولعل النظام أيضًا لا يريد إجراء انتخابات في هذا التوقيت قبل أن يستكشف ملامح توجهات السياسة الأمريكية المحتملة تجاه تركيا، عقب تنصيب الرئيس المنتخب جو بايدن، وفي هذا السياق وفي ظل تحكم النظام الحاكم في مفاصل المشهد سيكون من الصعب السماح بإجراء انتخابات تركية مبكرة يعلم النظام جيدًا أنه سيكون الخاسر فيها، بفعل التراجعات الحالية.