وتُعد الحملة على المساجد استمرارًا لسلسة الإجراءات التي عكفت الحكومة الفرنسية على تنفيذها مباشرة على خلفية الهجمات، إذ اتخذت فرنسا عدة إجراءات أخرى تمثلت في إخضاع نحو 51 جمعية دينية للمراقبة، للنظر في حل عدد منها بسبب تورطها في الترويج لأفكار تنافي مبادئ الجمهورية الفرنسية، فضلاً عن قرار حل حركة الذئاب الرمادية القومية التركية المعروفة بسلوكها المتطرف.
وقبل أيام، وجّه الرئيس الفرنسي إلى قيادات إسلامية في بلاده قبول “ميثاق قيم الجمهورية”، كجزء من حملة واسعة النطاق على المتشددين، وأمهل ماكرون القيادات 15 يومًا لقبول الميثاق الذي ينص على أن الإسلام دين وليس حركة سياسية، ويحظر “التدخل الأجنبي” في شؤون الجماعات الإسلامية.
وعلى مدار 5 سنوات حتى عام 2019، تصاعد مؤشر الإسلاموفوبيا في فرنسا وفق ما نقله مرصد الأزهر لمكافحة التطرف عن استطلاع أجراه المعهد الفرنسي للرأي العام نهاية العام الماضي، حول أعمال التمييز والعنصرية التي يتعرض لها مسلمو فرنسا بسبب دينهم، والذي أظهر أن أعمال التمييز والاعتداءات ضد المسلمين في فرنسا تتزايد يوميًّا، مقارنةً بأصحاب الديانات الأخرى، وأن 42% من مسلمي فرنسا كانوا ضحايا لنوع من أشكال التمييز، مرة واحدة على الأقل في حياتهم.
وبالعودة إلى الوراء قليلاً، نجد أن فرنسا لم تكف عن الربط بين التطرف والإسلام في خطاباتها، حتى قبل هذه الهجمات الأخيرة، ففي خطاب ألقاه الرئيس الفرنسي في أحد ضواحي باريس قبل شهرين وتحديدًا في 2 أكتوبر/ تشرين الأول، قال إن “الإسلام يعيش أزمة في كل مكان في العالم، وعلى فرنسا التصدي للنزعة الإسلامية الراديكالية الساعية لإقامة نظام موازٍ وإنكار الجمهورية”، في إطار خطة عمل فرنسية حول النزعات الانفصالية، وبالخصوص النزعة الإسلاموية المتطرفة، وفق الوصف الفرنسي.