حواري لا يخلو من الصمت
توافق “أليس” على السفر بشرط مرافقة اثنين من صديقاتها القدامى “سوزان” و”روبيرتا” إلى جوار “تايلور” ابن أخيها، خلال رحلة العبور المكانية تتكشف علاقات الشخصيات بطريقة سرد تمهيدية تعتمد على قراءة ما بين السطور، خاصة في ظل الحوارات التي تجمع ما بين الدراما والكوميديا الساخرة وكوميديا الموقف والحوارات.
لذا يعتبر الفيلم حواريًا بامتياز، فهناك حوارات مستمرة ومتناقلة ما بين الشخصيات الرئيسة، كما يعتبر الحديث تعبيرًا عن دور الشخصية داخل أحداث الفيلم، فقد وظَّف الفيلم الحديث والصمت للتعبير عن الشخصيات، وهو ما يتضح في شخصية دكتور “ميتشل” John Douglas Thompson، الذي يظل صامتًا في غالب أحداث الفيلم وهو شخصية مُبهمة وتدور الشكوك حول ماهيتها وكينونتها.
لا تقف قيمة الحوارات عند تعريف المشاهد بتفاصيل الشخصيات وإنما لتكوين رؤية شاملة للأبعاد الشعورية ورؤية الأفراد للآخرين وذواتهم، فالجميع يعاني رغم الصمت ومحاولة الظهور بأفضل صورة، كما تتجلى المساحة بين العام والخاص، فـ”روبيرتا” تتحدث عن “أليس”، وتتحدث “أليس” مع تايلور عن “روبيرتا”، وتتحدث “كارين” مع “تايلور” أيضًا عن “أليس”.
فالجميع يتناول الآخر بالحديث، كما يتحدث الفرد عن نفسه، وهو ما يخلق مساحة متباينة بين خصوصية الشخص ورأيه عن نفسه ونظرة الآخرين إليه وطرح حياته للحوار العام، كذلك لا يحدث الحديث المباشر بين الشخصيات، بل يكون التعامل مع هذه اللقاءات المرتقبة بتقديم بصري تغلب عليه الشاعرية والغموض.
وهو ما نراه في مشهد المكاشفة بين “أليس” و”روبيرتا” وكذلك “كارين” و”تايلور”، وهكذا تتطور أحداث الفيلم بشاعرية وتناقل ما بين الصمت والحوار، وهو ما يتواكب مع تقديم فيلم عن كبار السن والصداقات الموؤدة العائدة من الماضي، وعلاقات لا تكتمل أو على حافة الهاوية وقد تنتهي بالفقد في أغلب الأحيان، الفقد للحلم الممثل في الحب أو الصداقة.